تؤثر ولادة طفل من أصحاب الهمم على أفراد الأسرة جميعاً، ولكن الوالدين هما الطرف الأكثر تأثراً كونهما يمران بجملة من الضغوط النفسية والانفعالية، وتقع على كاهلهما الأعباء المادية التي تترتب على هذه الإعاقة.
ويبدأ الوالدان رحلتهما الطويلة بين البرامج التربوية والعلاجية التي ينصح بها الاختصاصيون، مما قد ينعكس على العلاقة بين الوالدين، ودور كل منهما فيها، ويؤثر بالتالي على مستوى تفاعل الأسرة وتكيفها مع المحيط الاجتماعي.
ولمواجهة الضغوط والتخفيف من حدتها قبل تفاقمها ، يقدم الاختصاصيون للأسرة 6 نصائح وهي كالتالي:
1 ـ تقبل النتائج التي تصدر عن مختص مؤهل في هذا الجانب، واتباع إرشاداته، للمسارعة في تقديم البرامج التربوية والعلاجية للطفل في الوقت المناسب، والتفكير في إيجاد حلول عملية للمشكلة بدلاً من لوم الذات أو الآخرين.
2 ـ عدم الخجل من وجود طفل من أصحاب الهمم في الأسرة، لأن ذلك قضاء وقدر من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن نقبل به، وإن كتمان هذا الأمر سيدخل الأسرة في عزلة عن محيطها الاجتماعي، وسيفوّت عليها الاستفادة من الكثير من الفرص التي يحتاجها أفرادها.
3 ـ ترتيب مسؤوليات رعاية وتربية الطفل صاحب الهمة بين الوالدين والأخوة، وعدم إلقاء الحمل على الأم وحدها، حيث إنه بحاجة لمشاركة كل أفراد الأسرة صغاراً وكباراً في البرامج المقدمة له، ليشعر بالدمج الكامل.
4 ـ ضرورة تواصل الأسرة مع المؤسسة التي تقدم خدماتها لأصحاب الهمم، والانضمام إلى مجموعات الدعم الذاتي، والتعرف على تجارب الآخرين والاستفادة منها، والحصول على المساندة النفسية والاجتماعية من الأسر الأخرى.
5 ـ الإيمان بقدرات صاحب الهمة وتقبله كما هو، والأمل بإمكانية تطور قدراته على أن تبقى التوقعات ضمن حدود الواقع، وليست خارقة للعادة، وعدم اللجوء إلى أي وسائل غير علمية للعلاج.
6 ـ استمرار الحصول على المعرفة من أصحابها ومصادرها المتنوعة، وسعة الاطلاع حول المستجدات العلمية ذات العلاقة بحالة الطفل.
شكوك ومخاوف
ومن الملاحظ أن ردود فعل الأسرة نحو طفلها صاحب الهمة تبدأ من فترة الحمل وقبل خروجه إلى النور، حيث تسيطر على الأم المخاوف والشكوك بمجرد إخبارها أن ابنها التي تحمل به لديه إعاقة ما.
وتتحسب الأم لمواجهة مشكلات أثناء الولادة، وتتخوف فيما إذا ستكون الولادة طبيعية أم لا، وتزداد مخاوف الأم إذا كانت قد تعرضت لخبرات سابقة، وبشكل عام تمر ردود فعل الأسرة تجاه طفلها صاحب الهمة بعدة مراحل أهمها:
1 ـ صدمة الوالدين من جراء وجود طفل صاحب همة في الأسرة حيث الإرباك والقلق، والتعبير عن الصدمة بعبارات عدم التصديق وعدم معرفة كيفية التصرف في مثل هذا الموقف.
2 ـ نكران وجود إعاقة عند ابنهم حيث يعزون الأمر لخلل في عملية التشخيص، ويبحثون خلال هذه الفترة عن مصادر أخرى تثلج صدورهم، وتنفي لهم حقيقة أن ابنهم صاحب همة.
وفي هذه المرحلة ينظر الأهل إلى أنماط السلوك الايجابية عند الطفل ويبالغون في تقييمها، ويتجاهلون أنماط السلوك السلبية كنوع من الهروب من حقيقة إعاقة ابنهم.
3 ـ شعور الزوجين بالذنب تجاه طفلهما، لأنهما لم يتخذا الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث الإعاقة، وقد يلوم كل طرف الآخر، ويحمله مسؤولية التسبب في هذه الإعاقة.
4 ـ الغضب وإسقاط اللوم على الأطباء أو على الأجهزة الطبية المستخدمة أو الأدوية الخاطئة التي وصفها الطبيب، والتي تسببت بالإعاقة.
5 ـ المبالغة في تبني الآمال والآمال غير القابلة للتحقيق، وتجريب علاجات ليس لها أي أساس علمي.
6 ـ العزلة عن المحيط الاجتماعي وعدم الرغبة في التفاعل معه، لتجنب أسئلة الآخرين المحرجة، وكتمان وجود طفل من أصحاب الهمم في الأسرة أحياناً.
توتر مزمن
ولا شك أن هذه المراحل تترك آثارها السلبية بعيدة المدى على الزوجين قد تصل إلى التوتر المزمن في العلاقة بينهما، ما يؤثر على قدرتهما في مواجهة التحديات المقبلة.
ويزداد تأثير الضغوط التي يفرضها وجود صاحب الهمة على الأسرة مع تقدمه في العمر، ومع زيادة متطلباته الحياتية، واقترابه من سن الزواج وبحثه عن فرصة عمل ملائمة.
وقد تتخبط الأسرة في كيفية التعامل مع هذا الطفل، خصوصاً عندما تواجهه مشكلات سلوكية لم تمر عليهما من قبل كالنشاط الزائد والعدوان وإتلاف الممتلكات، وقد يتبعون أساليب متذبذبة في المعاملة تتراوح بين الحماية الزائدة التي تقيد حركة الطفل، وبين القسوة التي تفاقم من حدة هذه المشكلات.
وفي كثير من الحالات لا يتحمل الأب عبء الضغوط النفسية والاقتصادية على كاهله فيلجأ إلى الهروب من البيت، أو الانفصال عن زوجته.
وهكذا نرى أن اتباع نصائح المتخصصين، وتقبل الأمر بإيجابية هو أحد الحلول التي تخفف من وطأة الضغوط التي قد يتعرض لها ذوو أصحاب الهمم.