المهمة الأولى تعليم الألفاظ بواسطة اللمس
أجمل لحظات هيلين عندما بدأت تدرك معنى الكلمات
شكل الألم الذي عانته آن سوليفان في طفولتها بسبب فقدانها البصر، دافعاً قوياً لها لينصب جل اهتمامها على تعليم هيلين كيلر التي فقدت بصرها وسمعها عندما كانت تبلغ من العمر عاماً ونصف.
وصنعت المعلمة سوليفان من كيلر معجزة عندما حولتها من طفلة منعزلة ضمن عالمها الخاص إلى كاتبة وأديبة نالت شهادة الدكتوراه في الفلسفة.
تربت المعلمة سوليفان في ملجأ الأيتام في «تيو كوسبري» بولاية ماساتشوستش، وخضعت لعمليتين جراحيتين لإعادة البصر لعينيها كتب لهما الفشل.
بعد ذلك تم إرسالها إلى معهد بيركنز للمكفوفين، لتتعلم القراءة بأصابعها، وخضعت لعمليات جراحية أخرى، فتحسن بصرها، وتخرجت في المعهد متفوقة على أقرانها.
أصبحت سوليفان مدرسة، ومن ثم التحقت بمنزل آرثر كيلر لممارسة مهنتها بتدريس الطفلة هيلين، التي كانت لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، لإصابتها بمرض خطير في طفولتها.
صانعة المعجزات
في العام 1887، بدأت آن سوليفان تدريس هيلين كيلر البالغة من العمر 6 سنوات.
اعتمدت سوليفان، تقنيات رائدة في التدريس باللمس، فقد كانت كيلر طفلة صعبة لا يمكن السيطرة عليها، إلا أن صبر سوليفان الشديد وحزمها وإصرارها على تعليم هيلين جعل منها معجزة بحق، فقد علمتها النطق عن طريق اللمس.
كانت هيلين قد اعتادت الظلام والصمت، حين وصلت معلمتها بدأت روحها تتحرر وتنطلق من سجنها.
المهمة الأولى للمعلمة سوليفان كانت تعليم الألفاظ بواسطة اللمس من خلال وضع أصابع هيلين على فم سوليفان وقصبتها الهوائية لتدرك كيفية خروج الحرف باللمس.
مع مرور الزمن بدأت هيلين بالنطق غير أن تلك الوسيلة التعليمية كانت ناقصة وغير مفيدة، لأنها كلمات بلا معنى، أو هدف، إذ ماذا يعني أن تعرف كلمة ماء دون أن تدرك ماذا تعني حقيقة.
أجمل اللحظات
أحد أجمل لحظات سيرة هيلين عندما بدأت تدرك معنى الكلمات، وهذا هو أهم حدث في مسيرة تعليمها، حيث إن طريقاً طويلاً من التواصل فُتح على مصراعيه، وتمكنت هيلين من خلاله أن تتواصل مع عائلتها ومعلمتها والعالم بأكمله.
وتروي كيلر في كتابها «قصة حياتي» كيف بدأت تتلمس معاني الكلمات وتقول: «سرنا في الطريق إلى البئر. شخص ما كان يسحب الماء، ووضعت معلمتي يدي تحت هذا الماء المتدفق. بينما كان الماء يتساقط على يدي، أخذت معلمتي تتهجى على اليد الأخرى ببطء بداية ثم بسرعة كلمة: ماء».
وتتابع: «وقفت صامتة هادئة، وكل اهتمامي موجه نحو حركة الأصابع. فجأة، ظهر لي أني تذكرت شيئاً ما كنت قد نسيته! تكشف لي بطريقة ما سر اللغة، إذ علمت أن كلمة ماء تعني ذلك الشيء البارد الذي يتدفق على يدي. تلك الكلمة أيقظت روحي وأطلقتها من سجنها».
إصرار
لم تكتف سوليفان بتعليم هيلين النطق، بل علمتها أيضاً كيف تعتمد على نفسها بارتداء ملابسها وبتناول طعامها، كما علمتها القراءة بلغة بريل.
أصبحت كيلر تقرأ وتكتب حتى غدت أديبة وكاتبة ومحاضرة ألفت 18 كتاباً، فقد نشرت كتابها الأول «قصة حياتي» في عام 1902، كما حصلت على الدكتوراه في الفلسفة، وكانت تجمع التبرعات للمؤسسة الأمريكية للمكفوفين وداعية للمساواة العرقية والجنسية.
لا شك أن هيلين كيلر إنسانة رائعة تمتلك من الإصرار الكثير إلا أن معلمتها آن سوليفان كانت إنسانة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، صنعت معجزة هيلين كيلر.