التطور التاريخي لمفهوم اضطراب طيف التوحد

اضطراب طيف التوحد هو حالة ترتبط بنمو الدماغ، وتؤثر في كيفية تمييز الشخص للآخرين، والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.

ويتضمن الاضطراب أنماطاً محدودة ومتكررة من السلوك، ويُشير مصطلح «الطيف» في عبارة اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة كبيرة من الأعراض ومستويات الشدة.

وكان ينظر إلى الأعراض التوحدية في البداية على أنها شكل مبكر للفصام، حتى اعتمد العالم ليو كانر في العام 1943 مصطلح ‏«التوحد» Autism.

وهذا لا يعني أبداً أن التوحد بأعراضه المعروفة (التأخر اللغوي الشديد، وانعدام التواصل والسلوكيات النمطية دون مخيلة طفولية) غير موجود منذ القدم.

وبدأت تتشكل معايير التوحد، مع بداية ثمانينات القرن الماضي، حيث تم وضع المعايير التشخيصية الأمريكية النسخة الثالثة DSM III، وكان يدعى في هذا الوقت وفيما بعد التوحد أو التوحد الكلاسيكي.

وكان له 5 أنواع منها اضطراب أسبرجر والتوحد غير النموذجي، إلى جانب اضطرابات قد تختلط بالتوحد وتلبس لبوسه، كاضطراب التعبير اللغوي أو التأخر العقلي.

معايير النسخة الخامسة

و‏في عام 2013، ووفق المعايير التشخيصية الأمريكية النسخة الخامسة الجديدة DSM 5 ، تم وضع عنوان تشخيصي عريض، يشمل كل الأنواع المتعلقة والمشابهة والملتبسة بالتوحد، بما فيها التوحد الكلاسيكي وغير النموذجي، وباتت تُعرف كلها باضطرابات طيف التوحد، مما جعل شيوع هذا النوع من الاضطرابات كبير جداً، كون معاييره مرنة، لتشمل كل ما يشبه التوحد.

وأفاد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC الأمريكي بأنه تم إصابة 1.5% من أطفال الأمم المتحدة (واحد من كل 68) بالتوحد، وذلك اعتبارًا من عام 2014، بزيادة بلغت نسبتها 30% عن عام 2012، حيث كان يصاب فرد من كل 88!!! نظراً لتغير المعايير.

التشخيص الخاطئ

ويؤدي هذا التوسع في المعايير إلى جعل الخطأ بالتشخيص يصبح وارداً أكثر بكثير في اضطراب طيف التوحد.

وبسبب المعايير الجديدة تحت مسمى اضطراب طيف التوحد، ومع انتشار وسائل التواصل، أصبح يشخص الطفل المتأخر لغوياً وقليل التفاعل من قبل الأبوين أنفسهما، أو المعلمة في المدرسة، أو في أحسن الأحوال طبيب الأطفال فقط على أنه مصاب بالتوحد أو طيف التوحد أو توحد خفيف.

إن تشخيص حالات طيف التوحد وأشباهه، يحتاج فريقاً متعدد التخصصات، ولفترة زمنية كافية، مع اختبارات طبية ونفسية نوعية وكمية.

وأصبحت بعض الاضطرابات الناتجة عن الظروف البيئية الصعبة، كالحرمان البيئي والعزلة الاجتماعية أو العزلة على الأجهزة، كما حصل خلال الحجر الصحي في كورونا خلال السنتين الماضيتين، تدخل ببساطة في طيف التوحد.

وهذا ليس تخفيفاً من وطأة التوحد الكلاسيكي أو طيفه أو أشباهه، مع العلم أن هذا التهويل من خلال جعل طيف التوحد وكأنه وباء منتشر، لا يساعد الأطفال المصابين بشيء من التأخر اللغوي أو اضطراب التفاعل الاجتماعي، اللذين يمكن معالجتهما بشكل أو بآخر، بل سيسبب همّاً وغمّاً ورعباً للأهالي لمجرد لصق تهمة أو لصاقة «طيف التوحد» على جبينهم أبنائهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s